كلمة رئيس النادي بمناسبة افتتاحه للدورة الأولى للمجلس الوطني

ملخص كلمة رئيس النادي بمناسبة افتتاحه للدورة الأولى للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب يوم السبت 21 مارس 2015 بالمعهد العالي للقضاء بالرباط.
بسم الله الرحمان الرحيم
السيادات والسادة أعضاء المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب .
تنعقد هذه الدورة الاولى لمجلسكم الموقر والقضاء المغربي يمر بلحظات هامة وحاسمة في تاريخة من حيث عدة معطيات تتجلى أهمها في كونه يعيش الآن مرحلة انتظار عمرت طويلا في نظري لاخراج القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية إذ أنه منذ صدور الدستور الجديد سنة 2011 والسلطة القضائية تنتظر، وهذا الانتظار بل والتردد في أحياين كثيرة نتجت عنه عدة سلبيات، ليس أقلها من اشتغال البلد بسرعتين: سرعة تعيش على ايقاعها السلطتين التنفيذية والتشريعية اللاتين تشتغلان وفق منطق دستور 2011 وتستفيد من المزايا العديدة التي جاء بها وسلطة قضائية لازالت حبيسة قوانيين تعود إلى السبعينات (النظام الأساسي للقضاة مثلا)، فهل يعقل أن نبقى أربع سنوات من بعد مصادقة المغاربة على الدستور الجديد دون اخراج أي نص من النصوص التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية ؟ مع أن جلالة الملك طالب منذ سنة 2012 في خطابه أمام البرلمان بالإسراع في إخراج هذه النصوص.
هذا طبعا لا يمكن تفسيره، مهما أحسنا النية بالمعنيين بإخراج هذه النصوص، إلا بابتغاء أهداف من وراء هذ الوضعية الجامدة، وأنتم تعرفون أن هذه الوضعية ينتج عنها عدة آثار تهم القضاة كأفراد، من حيث استفادتهم من الضمانات الممنوحة لهم دستوريا- ومنها ضامانات التاديت التي منحهم الدستور لاول مرة حق الطعن قرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بهذا الخصوص وغيرها من الضمانات -، كما تهم هذه الضمانات أيضا القضاء كمؤسسة من حيث وجودها ومن حيث اشتغالها وضرورة ابداء رأيها في كل ما يُعد من قوانيين تهم القضاء إما كمؤسسة أو ممارسة أي القوانيين التي تهم موضوع الحق وسبل اقتضائه.
السيادات والسادة أعضاء المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب .
ليت هذا الانتظار وهذا الوقت الكبير اسفر عن ظهور مشاريع ومسودات قوانين في المستوى المطلوب ووفقا للسقف الدستوري الذي هو ملك لنا جمعا كمغاربة قبل أن نكون قضاة، بل إن القاء نظرة على هذه المشاريع والمسودات وما يصاحبها من نقاشات وتصريحات لمسؤوليين وتصرفات سوف تجدون أن الأمر لا يبعث على التفاؤل وانه عوض أن تكون هذه النصوص شارحة لما ورد في الدستور من الحقوق بشكل مجمل فإنها في نظري وفي الكثير من مقتضايتها – حتى لا أعمم- جاءت مقيدة لما ورد فيه من حقوق لفائدة السلطة القضائية، ولكم أن تأخذوا أمثلة على ذلك بما يلي :
– تقزيم دور المجلس الاعلى للسلطة القضائية وجعله يقترب من مجرد لجنة للبت في الوضعيات الفردية للقضاة تقريبا وبقاء السلطة التنفيذية هي المهيمنة على المحاكم في الشادة والفادة من حيث الجانب التسييري لها .
– بقاء المسؤوليين القضائيين خاضعين لمراقبة وزارة العدل ، وأنتم تعلمون جيدا ما ذا يعني ذلك من اشكالات.
– غباب معايير الحكامة في تسيير المرفق القضائي الذي يجب أن يكون عبر معايير واضحة إضافة إلى مبدأ التباري كما هو منصوص عليها دستوريا وكما هو معمول به في باقي مؤسسات الدولة .
– عدم وضوح بعض الاختيارات : تعيين القضاة في طور التدريب بالنيابة العامة لمدة سنة ، والتقاعد الذي لم يحسم مجتمعيا بعد وتم فرض سن 65 على القضاة ، وحرمان قضاة الدرجة الثالثة الحاليين من الاستفادة من النظام الاساسي المرتقب وجعلهم خاضعين لنسق الترقي المنصوص عليه في ظهير 1974 ، والاصرار على تنظيم بعض المقتضيات التي تجاوزها الوقت مثل تنظيم اقامة القضاة في الدوائر التي يعملون بها ، ومحاولة فرض رقابة على حرية التعبير التي نص عليها الدستور بواسطة فرض الحصول على الادن أو قيام القاضي عند كل تدخل في ندوة بأنه لا يمثل الهيئة القضائية وغير ذلك وبعض المقتضيات التي تحاول محاصرة الحراك القضائي لجمعية بعينها عبر تقنية تمطيط مبدأ واجب التحفظ المنصوص عليه في الدستور حتى يستوعب ما ليس منه.
– الحفاظ على مؤسسة الانتداب التي طالما نادت مختلف الفاعليات الحقوقية سابقا بحدفها وعوض الاستجابة لهذا المطلب الذي نتج عن اعماله عدة مشاكل تهم التذخل والتأثير على القضاء قام مشروع القانون التنظيمي بتوسع مؤسسة الانتذاب ليشمل بالاضافة إلى الرئيس المنتذب المسؤولين القضائيين في الجهات عوضا عن شخص وزير العدل فقط كما كان ، ثم كذلك امكانية النقل مع الترقية في خرق للمبدئ الدستوري القائل بعدم قابلية القضاة للنقل والعزل.
– عودة النقاشات حول تبعية النيابة العامة للسلطة التنفدية في قفز تام على الدستور وذلك عن طريق لي نصوصه واستنتاج أحكام غير صحيحة ولا تتماشى مع فكرة استقلال القضاء، بل إن بعض النقاشات في المؤسسة التشريعية للأسف امتدت حتى إلى المطالبة ببقاء المفتشية العامة للشؤون القضائية تابعة لوزراة العدل .
هذه ايها السيادات و السادة بعض الأمثلة فقط التي لا تجعلنا مطمئنين على مستقبل السلطة القضائية وفقا ما أدراه المغاربة عندما صوتوا على دستور 2011 ووفق ما أراه جلالة الملك في عدة خطب ملكية سامية ،ومنها الخطاب التاريخي أمام البرلمان الذي طالب نواب الأمة بجعل استقلالية القضاء هي المحور والفصيل عند مناقشة النصوص التنظيمية التي ستحال عليه.
الآن وبعد احالة نص واحد فقط على البرلمان، هو مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي انتظار إحالة النصوص الاخرى التي نؤكد مرة أخرى على أنها تأخرت اكثر من اللازم، فإننا نطالب المؤسسة التشريعية بأن تكون على موعد مع التاريخ وتعيد الامور إلى نصابها في كل النقاط التي تتنافى مع فكرة استقلال القضاء ،ولو بالشهبة أي مجرد الاحتمال، وأن تقوم بالانصات من جديد وفي وقت وجيز إلى المعنيين الحقيقيين بهذه النصوص،كما ندعو أيضا وزراة العدل فيما تبقى من النصوص التي لم تحل على البرلمان إلى استحضار روح الدستور والمقاربة التشاركية الحقيقية وليس الشكلية والابتعاد عن منطق ردود الافعال والتصريحات ورفض كل منتقد واعتباره ضد الاصلاح .
السيادات والسادة أعضاء المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب .
كل هذه التحديات تتطلب منا مناقشة مستفيضة حولها وسبل التعامل معها وفق ما ينتظره السادات والسادة القضاة منكم أخذا بعين الاعتبار الفترة التي بقت لنا على الجمع العام المقبل ولا يسعنيفي سبيل تحقيق ذلك إلا أن أتمنى لأعمال مجلسكم الموقر التوفيق والسداد .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

*