التقرير الكامل حول فعالية الجمعيات العامة للمحاكم

بتاريخ 5 دجنبر 2016 نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس مائدة مستديرة حول موضوع دراسة نجاعة و جدوى الجمعيات العامة على ضوء المرسوم المنظم لها ، أو من خلال الممارسة و ذلك باعتماد أسلوب استطلاع رأي القضاة ، كمؤشر أولي للتعرف على توجهات الجمعيات العامة و مدى دورها في تكريس استقلال القضاة و الرفع من النجاعة القضائية و خدمة المتقاضين .
في بداية الورشة التفاعلية أكد الأستاذ حميد بلمكي على اهمية تنظيم هذا النوع من الورشات ، و التي تتزامن مع موعد انعقاد الجمعيات العامة بالمحاكم ، و اضاف أن تنظيم هذه الورشة تم باعتماد أسلوب الاستمارات لمعرفة واقع الجميعات العامة للمحاكم عن طريق الاجابة على عدد من الأسئلة ، و دون ذكر اسم المستجوب ، من أجل تقديم معطيات ذات مصداقية ، و قد شملت هذه العينة دراسة واقع الجمعيات في خمس محاكم ابتدائية و محكمة استئناف واحدة .
و رغم أن العينة موضوع الدراسة لا تشمل كل المحاكم بمختلف درجاتها و تخصصاتها ، فانها تعكس التوجهات العامة لكيفية تحضير و تسيير الجمعيات العامة و الجوانب التي تركز عليها ، و مدى احترامها لتشكيل الهيئات وفق العدد المحدد قانونا لها ، و معرفة مدى عقد الاجتماعات الدورية لتوحيد مناهج العمل .
و بعد ذلك أكد السيد رئيس نادي قضاة المغرب الاستاذ عبد اللطيف الشنتوف على أهمية مناقشة موضوع الجمعيات العامة للمحاكم و الذي يعتبر محور استقلال القضاة ، و أضاف أن نادي قضاة المغرب اعتبر هذا الموضوع من الأهمية بمكان ، و ربطه بالاستقلال الداخلي للقضاء، و لهذا طالب بتنظيمه ضمن محاور القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ، و كشف أن واقع الجمعيات العامة للمحاكم تغيب عنه التشاركية بوجه عام ، و هو ما ينعكس سلبا على أداء المحاكم ، خاصة و ان طغيان دور المسؤول القضائي داخلها أدى الى جعلها جمعيات عامة صامتة .
و أضاف السيد رئيس نادي قضاة المغرب أن مشروع قانون التنظيم القضائي أغفل تنظيم لجنة الشؤون الوقتية بالمحاكم للقيام باختصاصات الجمعية العامة كلما تعذر دعوتها خلال العطلة القضائية مثلا ، و أن اعتماد أسلوب التفويض للمسؤولين القضائيين من شأنه افراغ الجمعيات العامة من محتواها ، عن طريق تغيير المسؤولين للهيئات القضائية بهذه العلة .
و هنا يمكن القول كحكم جازم ودون مبالغة ، أن الجمعيات العامة للمحاكم التي من المفروض ان تعطي القدوة في احترام القانون وتطبيق مبادئ التشاركية والآليات الديمقراطية في التسيير لا تسير وفق مبادئ الديمقراطية واحترام القانون، بحث إن اختصاصات الجمعيات العامة تمت السيطرة عليها من طرف المسؤولين القضائين – ويستثنى من هؤلاء قلة قليلة لا تكاد تذكر من المسؤولين استحضروا ضمائرهم وتركوا للقضاة توزيع العمل في ما بينهم بالتراضي، فهؤلاء لا نبخسهم حقهم، وسوف يذكرهم التاريخ القضائي من دون شك – باستعمال واستغلال آلة وقوة التقييم القضائي السنوي الكارثي ويعمدون إلى توزيع الشعب والمواد على القضاة وفق الرغبة الشخصية للمسؤول القضائي وأحسنهم وأفضلهم من يقوم ببعض الاستشارات الفردية مع القضاة قبل انعقاد هذه الجمعية العامة ثم لا تلتئم الجمعية العمومية، إلا لتفترق بعد نصف ساعة أو أقل من انعقادها، إذ كل شيء مُعد سلفا فلا مناقشة ولا تصويت ولا أي شيء يمت بصلة الى اجتماع عام للقضاة، حتى إن البعض صار يطلق عليها دقائق الصمت العمومية، والأدهى والأمر من كل هذا هو عندما يصلك جدول توزيع الأشغال برسم السنة القضائية الجديدة تجد فيه عبارة طريفة ومتكررة في كل المحاكم تقريبا، وهي عبارة توجد أسفل الجدول ومكتوبة بخط صغير، تشبه ما يكتب في اللوحات الاشهارية من كون العرض خاضعا لشروط، مفادها أن الجمعية العمومية فوضت للسيد المسؤول- كل حسب درجته وموقعه- تعديل هذا الجدول عند الضرورة ! وكترجمة لهذه العبارة يتم في بعض الأحيان العبث حتى بمقررات هذه الجمعية العمومية على علتها، ولا ندري حقيقة كيف يتم التوصل إلى هذا التفويض، إذا كانت هذه الجمعيات في أغبلها صماء ولا تقوم بالمناقشة ولا بالتصويت ولا بغيره- إلا في ما ندر والنادر لا حكم له-
هذا هو واقع الجمعيات العامة بمحكمنا بدون زيادة أو نقصان أو مبالغة – مع استثناءات لا تكاد تذكر- فهل هناك رغبة لدى الجهة المعنية وهي وزارة العدل في تغييره على الأقل في الجانب القانوني في أفق الوصول إلى الممارسة السليمة و التي تتطلب تشكل وعي قضائي باهمية تحصين الجمعيات العامة للمحاكم من أي تأثيرات خارجية .

و أعطيت الكلمة للأستاذ ياسين مخلي عن المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية ، و الذي تناول تنظيم الجميعات العامة للمحاكم على ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي كما صادق عليه مجلس النواب ، و اعتبر أن النقاش بخصوص هذا القانون لم يحض بالاهتمام المناسب ، اذ صوت عليه 58 نائبا ، و عارضه 22 نائبا و امتنع 7 نواب عن التصويت عليه .
و أضاف أن عدم اعتماد اسلوب الانتخاب في تشكيل مكتب محاكم أول درجة و ثاني درجة ، من شأنه أن يجهز على الجمعيات العامة بالمحاكم ، و أن التبرير الذي قدمه وزير العدل و الحريات عند مناقشة هذا مشروع هذا القانون أمام لجنة العدل و التشريع يبقى غير مقنع ، لأن ربط ذلك بالرغبة في المزج بين الكفاءات الشابة و الكفاءات المتمرسة ، يجب الا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي يجب ان تؤسس عليها الجمعيات العامة للمحاكم منذ تحضير مشروع توزيع الشعب و الغرف و الهيئات ، و الى غاية التصويت عليه .
و أشار المتدخل الى أن اشتراط المشروع طلب ثلثي أعضا ء مكتب المحكمة لانعقاد اجتماعاته الاستثنائية ، انما هو نصاب يراد منه تعطيل الدعوة لعقد هذه الاجتماعات و جعل ذلك بيد رئيس المحكمة أو الرئيس الأول فقط ، و الأولى جعل طلب ذلك بارادة أغلبية أعضاء المكتب ، بدل اشتراط ثلثي الأعضاء ، خاصة و |أن قراراته تتخذ بأغلبية اصوات اعضائه الحاضرين طبقا للمادة 27 من المشروع.
و فيما يتعلق بتركيبة الجمعية العامة للمحاكم فقد اشار الأستاذ ياسين مخلي على أن استقلال قضاة الأحكام ـ يقتضي ضمان استقلالهم عن باقي القضاة و خاصة قضاة النيابة العامة ، التي يبقى لها فقط المنازعة في الاحكام من خلال ممارسة الطعون المخولة لها قانونا ، و أن طبيعة النيابة العامة القائمة على اعتبارها طرفا في الدعوى العمومية و خصما شريفا يقتضي أن يقتصر دورها داخل الجمعيات العامة على المسائل التي تتصل بأعمال النيابة دون سواها ، كما ذهبت الى ذلك العديد من التشريعات المقارنة.
و أن حصر الدعوة لانعقاد الجمعيات العامة للمحاكم على رؤساء المحاكم و الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف دون تحديد أي نصاب آخر للدعوة اليها من طرف القضاة ، يشكل تعديا على روح الجمعيات العامة للمحاكم القائمة على مبدا التدبير الجماعي بدل التدبير الفردي الذي أثبت فشله منذ مدة طويلة.
و أن ما تضمنته المادة 28 من ضرورة انعقاد اجتماع استثنائي للجمعية العامة في حالة انعقاد اجتماع استثنائي لمكتب المحكمة ، لا يساعد عمليا في تصور انعقاد الجمعيات العامة بشكل اسثتنائي الا بدعوة من رئيس المحكمة أو الرئيس الأول .
و في المقابل أكد أن اعتماد المشروع على اسلوب التصويت و اعتماده على نصاب أغلبية الأعضاء لاقرار مشروع التوزيع المعد من مكتب الجمعية العامة يعتبر توجها متطورا و متقدما ، غير أن المشروع لا يقدم حلولا في حالة عدم توفر هذه الأغلبية بعد مراجعة مكتب المحكمة لبرنامج العمل داخل ستة أيام .
و كان من الأجدر الاشارة الى الزام مكتب المحكمة بالتوجه الذي عكسته المناقشات خلال الجمعية العامة ، أو المصادقة على جدول التوزيع كما أقرته الجمعية العامة وفق التعديلات المقدمة و بدون حاجة لارجاعه لمكتب الجمعية لمراجعته ، تفاديا لأي عرقلة في اقراره ، و الذي قد تكون له عواقب وخيمة على حسن سير المحاكم .
و في الختام أضاف المتدخل أن اعتماد المشروع على الجمعية العامة لمحكمة النقض و اعتماد اسلوب التصويت يعتبر توجها مهما و سليما سيساهم في تطوير أداء الجمعية العامة بمحكمة النقض .
و بعذ ذلك تناولت الأستاذة لبنى فريالي الكلمة و شددت على أهمية وعي القضاة بدور الجمعيات العامة ، و ذلك باستحضار مصلحة المواطن أولا و أخيرا و ذلك بتحقيق النجاعة القضائية .
و تدخل الاستاذ صالح قاسمي رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بمكناس و أكد على أهمية مناقشة هذا الموضوع ، و أن القضاة يتحملون مسؤولية تاريخية في تحصين جمعياتهم من أي مؤثرات خارجية عند تشكيل الهيئات القضائية .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

*