بلاغ المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب

عقد المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب يومه الجمعة 13/10/2017  اجتماعه العادي الرابع في إطار ولايته  الحالية قصد تدارس مجموعة من القضايا التي تدخل في صلب اهتماماته، ومسايرة منه للمستجدات التي يعرفها المشهد القضائي المغربي ولاسيما ما تعلق منه بتشكيل مؤسسات السلطة القضائية ومواكبة عملها.

وبعد عرض نقاط جدول الأعمال والمصادقة عليها، والتداول بشأنها وفق آليات التسيير الديمقراطي المعتمدة، تقرر إصدار البلاغ التالي:

أولا: فيما يخص تشكيل مؤسسات السلطة القضائية ومواكبة أشغالها :

1-   المجلس الاعلى للسلطة القضائية :

إن المجلس الوطني وبعد مناقشة مستفيضة  لعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية منذ تنصيبه من طرف جلالة الملك يوم 07-04-2017 إلى الآن، و استحضارا منه لحجم الإكراهات التي يواجهها، خاصة على مستوى قلة الموارد، فإنه يسجل بعض الملاحظات بشأن عمل المجلس خلال هذه المرحلة التي تعتبر مرحلة تأسيسية لطريقة تعاطيه مع محيطه و مع تنزيل النصوص التنظيمية الخاصة بالسلطة القضائية، ومن هذه الملاحظات ما يلي :

–       ضعف المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية للقضاة.

لاحظ نادي قضاة المغرب، التوجه الواضح للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في عدد من المحطات نحو إضعاف المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية حتى فيما فرض القانون وجوب استشارتها بشأنه، وقد بدا الأمر واضحا خلال مرحلة إعداد النظام الداخلي للمجلس الذي تم في سرية تامة جعلت الجمعيات  والقضاة المعنيين به أساسا يتوصلون به من طرف جهات أخرى قصد التعليق عليه، وعلى الرغم من ذلك بادر نادي قضاة المغرب تفعيلا لدوره كجمعية مهنية مواطنة إلى وضع مذكرة مفصلة تضمنت تصوره بخصوص النظام الداخلي، وما قيل عن مرحلة إعداد النظام الداخلي للمجلس ينطبق على مرحلة إعداد مدونة الأخلاقيات القضائية التي اكتفى المجلس بشأنها بمراسلة الجمعيات مانحا إياهم أجل 15 يوما للإدلاء بتصوراتهم ، والحال أن هذا الموضوع يقتضي  من المجلس استشارة حقيقية تقوم على الحضورية والمناقشة بل وإشراك القضاة بشكل مباشر عبر هياكلهم الجمعوية، وهو الأمر الذي يقتضي أخذ الوقت الكافي وعدم التسرع، سيما وأن الموضوع جديد في المغرب ويحتاج إلى خطوات مدروسة، وهو ما استوعبه القانون التنظيمي رقم 100-13 المتعلق  بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية حينما لم يضع أجلا محددا للمجلس لإعداد هذه المدونة، ونفس الأمر ينطبق أيضا على إعداد نشرة التقييم التي لم تأت بجديد يذكر،  وغُيبت في إعدادها المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية قبل إقرارها.

–       ضعف الجانب التواصلي للمجلس .

سجل نادي قضاة المغرب ضعف الجانب التواصلي للمجلس في العديد من القرارات التي اتخدها- قضية توقيف قاض  نموذجا- مما ترك عملية التواصل مع الرأي العام لوزارة العدل وحدها، وقرارات  التمديدات الذي اتخذها المجلس  في حق عدد  كبير من القضاة دون بيان إخباري يوضح العملية وسياقاتها ومعاييرها، وكذا اختيار قضاة للعمل كقضاة للتوثيق بالقنصليات المغربية بالخارج ، ويأمل النادي أن يكون إطلاق المجلس لموقعه الالكتروني الجديد بداية لتجاوز هذا الإشكال.

–       اعتماد شروط غير قانونية بمناسبة فتح باب الترشح لتقلد مناصب المسؤولية القضائية.

يسجل نادي قضاة المغرب وباستغراب قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشأن فتح باب الترشح لبعض مناصب المسؤولية القضائية الشاغرة ، من حيث وضعه لشروط تخالف القانون التنظيمي وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة ، وبيان ذلك فيما استلزمه للترشح لمناصب المسؤولية  الشاغرة من أقدمية تفوق ما نص عليه القانون التنظيمي نفسه، إذ اشترط المجلس أقدمية تتراوح ما بين 12 سنة و18، وعلى سبيل توضيح مخالفة المجلس للقانون في هذا الإطار يعتبر المجلس الوطني أن  اشتراط أقدمية 12 سنة لمجرد الترشح  سيجعل  من القاضي المرشح في الحالات العادية مرتبا في الدرجة الأولى وليس الثانية و نفس الأمر بالنسبة لباقي سنوات الأقدمية المتطلبة، الأمر الذي تصبح معه هذه الشروط مخالفة صريحة للقانون التنظيمي الذي وإن أتاح للمجلس إضافة شروط أخرى فإنه لها أن لا تخالف القانون التنظيمي الذي سنه البرلمان وراقبته المحكمة الدستورية، هذا فضلا عن اشتراط المجلس لسبقية تولي المسؤولية للترشح لبعض المناصب، وإن من شأن هذه التقييدات أن تحرم المجلس نفسه من هامش الاختيار الواسع كما سوف تحرم عددا من القضاة الأكفاء من حقهم في الترشح .

2-   مؤسسة النيابة العامة :

إن نادي قضاة المغرب إذ يؤكد على أهمية نقل الصلاحيات المرتبطة بالإشراف على جهاز النيابة العامة من السيد وزير العدل إلى السيد للوكيل العام لدى محكمة  النقض بصفته رئيسا لها بتاريخ 07-10-2017، يؤكد على أن هذه الخطوة  بما لها من أهمية تبقى خطوة  أولية فقط، ويذكر الرأي  العام بتصوراته التي سبق له أن عبر عنها بخصوص استقلال النيابة العامة سواء أثناء مناقشة القوانين التنظيمية للسلطة القضائية أو ما عبر عنها في مذكرته إلى البرلمان عند مناقشة  القانون رقم 33-17، ويتمنى في هذا الصدد نجاح التجربة والعمل على تطويرها من خلال الممارسة الواقعية لعمل رئاسة النيابة باعتماد واستحضار  المبادئ  المؤطرة لعمل النيابات العامة في التجارب المتقدمة ولا سيما ما يخص علنية الاجراءات وشفافيتها .

ج- العلاقة مع وزارة العدل :

سجل نادي قضاة المغرب تخوفه من الغموض الذي يطبع  هذه المرحلة فيما يخص العلاقة غير الواضحة بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية من جهة والمحاكم من جهة ثانية، خاصة مع إقدام وزارة العدل على عدد من الخطوات الرامية إلى تكريس وضعية التبعية للسلطة التنفيذي وكأن لا شيء تغير في المشهد القضائي، وذلك من خلال توجيه وزارة العدل لعدد من المنشورات ومطالبة المسؤولين القضائيين بموافاتها بتقارير، والقيام بتكوينات لهؤلاء ودعوتهم للقاءات واجتماعات…، في تجاوز واضح لمؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبهذا الخصوص فإن نادي قضاة المغرب إذ يؤكد على الدور السلبي الذي تقوم به وزارة العدل خلال هذه المرحلة الحساسة المرتبطة بتنزيل دعائم الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية ويدعو المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تحمل مسؤوليته كاملة بما له من إشراف على الجهاز القضائي.

كما يطالب نادي قضاة المغرب وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى الإسراع في تشكيل اللجنة المشتركة المنصوص عليه عليها في المادة 54 من القانون التنظيمي للمجلس .

ثانيا : الأعمال الاجتماعية للقضاة والوضع الصحي والتعويضات عن المهام :

يجدد المجلس الوطني لنادي استمرار  عدم مسايرة تركيبة أجهزة المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية  للمستجدات الدستورية الجديدة التي أقرت التعدد الجمعوي للقضاة ، وهي مطالبة عبر عنها نادي قضاة المغرب منذ سنة 2012 عبر مراسلته لرئيس المجلس الإداري السيد وزير العدل  ولم يتم تعديل القانون منذ خمس سنوات خلت مما شكل مخالفة دستورية طبعت عمل أجهزة هذه المؤسسة، فضلا عن  عدم اعتماد معايير شفافة و موضوعية بالشكل الذي يتيح لجميع المنخرطين الاستفادة من خدماتها بحسب نسب تمثيليتهم داخلها مما يؤدي واقعيا إلى عدم استفادة القضاة من خدماتها، ولهذه الأسباب واعتبارا لمستجدات الوضع الدستوري للسلطة القضائية فإن نادي قضاة المغرب يطالب بما يلي :

–   إحداث مؤسسة للأعمال الاجتماعية خاصة بالقضاة  بمقتضى قانون جديد تحت الرعاية المولوية السامية ، تكون من مهامها الاهتمام بالجانب الاجتماعي الحقيقي للقضاة مراعاة للتضحيات التي يقدمها القضاة في سبيل تحسين صورة القضاء رغم قلة الامكانات البشرية والمادية والمشاكل الناجمة عن عقود من الاهمال .

–       يوصي المجلس الوطني المكتب التنفيذي بتفعيل هذا المطلب عن  طريق القيام بكل الخطوات الضرورية مع الجهات المعنية ، وجعله مطلبا حيا ومتجددا بشكل دائم  والعمل على التشارك مع الجمعيات المهنية الأخرى في هذا الإطار.

–       يثير المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب  انتباه الجهات المختصة إلى تفاقم مشكل الوضع الصحي للقضاة الناتج عن ظروف العمل الشاقة وما تخلفه من آثار جسدية ونفسية، ينبغي العمل على إيجاد حلول عاجلة لها من خلال نظام للتغطية الصحية يؤمن جميع الأمراض وبشكل فوري لما خلفه نظام التغطية العادي من مآسي حقيقة في صفوف القاضيات والقضاة ، كان آخرها وفاة قاضية بمراكش ومستشار بطنجة أمام أعين عائلاتهم وزملائهم وهم ينتظرون قدوم الأدوية من الخارج والتدخل الطبي، وهي أمراض ثبت أن لها علاقة بظروف الاشتغال المهنية وبالتالي  ينبغي تغطيتها والعمل على التقليل من مضاعفتها المادية والاجتماعية،  ولهذا الغرض يوصي المجلس الوطني المكتب التنفيذي بالعمل على توثيق  الحالات التي توفيت نتيجة الاصابات بأمراض خطيرة لها علاقة بالعمل وإعلام الرأي العام القضائي وغيره  والجهات المعنية بخطورة هذه الموضوع.

–       يسجل المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب استغرابه من تأخر مراسيم إقرار التعويضات الممنوحة للقضاة بمناسبة قيامهم بأعباء إضافية على عملهم الأصلي كالديمومة والانتداب ومهام المسؤولية القضائية التي يجب أن تشمل كل أنواع المسؤولية بشكل موضوعي ومنها رؤساء المراكز وأقسام الاسرة ورؤساء الغرف في كل المحاكم  وليس محكمة النقض وحدها، ويطالب النادي بهذا الخصوص بإقرار تعويضات شاملة وعادلة تراعي المجهود المبذول والتضحية التي يحرم بعض القضاة  فيها من قضاء الأعياد مع عائلاتهم، مع ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بخصوص إعداد هذه المراسيم .

ويوصي المجلس الوطني  المكتب التنفيذي  للنادي بالإسراع في إعداد مذكرة  مطلبية بهذا الخصوص في ضوء مناقشات المجلس الوطني وما قرره من توصيات وتوجيهها إلى الجهة ا المختصة .

ثالثا : بخصوص توفير الحماية للقضاة أثناء ممارسهم لمهامهم  بالمحاكم  :

إن  المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب  يثير الانتباه من جديد إلى ظاهرة  الاعتداء التي يتعرض لها القضاة أثناء ممارستهم لمهامهم بشكل عام ومن طرف بعض أفراد مساعدي القضاء بشكل خاص ، كان آخرها تعرض السيد قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتمارة لاعتداء لفظي من طرف محام  أثناء ممارسته لمهامه ، ولهذا فإن نادي قضاة المغرب وأمام  ارتفاع هذه الحالات مع كامل الأسف وبعد الإشارة لكون هذا السلوك يهم صباحه ولا يمكن أن يعني مؤسسات وهيئات المحامين التي نكن لها كامل التقدير، فإن المجلس الوطني يجدد تنديده الشديد بكل حالات الاعتداء على  القضاة أثناء عملهم مما يعد ضربا لحرمة مؤسسات القضاء  الواجب احترامها ويحيي أعضاء المجلس الوطني على تضامنهم المستجد في الزيارة الناجحة التي قام بها كل أعضاء المجلس الحاضرين إلى السيد قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتمارة، و يطالب بما يلي :

–       تحمل الدولة لمسؤولياتها وتوفير الحماية الكافية للقضاة أثناء ممارستهم لمهامهم ، وفي هذا الصدد ينبه إلى استمرار ممارسة سلبية لدى العديد من  النيابات العامة بالمحاكم تتمثل في التلكؤ  في تطبيق القانون على حالات الاعتداء كلما تعلق الأمر بقاض، ويطلب من السيد رئيس النيابة العامة الجديد مراسلة مسؤولي النيابات العامة  للقطع مع هذه الممارسات التي تهين  مؤسسات القضاء أولا وأخير ، كما يدعو المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تحمل مسؤولياته في اختيار المسؤولين القضائيين القادرين على تنزيل الإصلاح وفق ما جاء في الخطاب الملكي يوم 20-08-2009 ووضع حد لكل مسؤول متردد ومتلكئ في تطبيق القانون على الجميع كيف ما كان مركزهم.

–       يطالب الهيئات المهنية لمساعدي العدالة كافة بالقيام بدورها التأطيري في التخليق واحترام الأخلاقيات المهنية والأعراف والتقاليد الكفيلة بتكريس الاحترام المتبادل داخل فضاء العدالة .

–       يطالب القضاة بتحمل مسؤولياتهم في عدم التطبيع مع السلوكيات المخالفة للقانون داخل فضاء المحاكم وعدم التسامح معها لكونها ليست حقا خاصا.

–       يدعو وزارة العدل إلى تحمل مسؤولياتها في القيام بدورها في توفير الموارد الكافية للتكوين واللقاءات التحسيسية للفاعلين في قطاع العدالة وتعزيز أواصر العلاقات المهنية المبنية على التعاون من أجل تطبيق القانون وتحسين صورة العدالة عوضا عن الصراعات المجانية والوهمية .

ويوصي المجلس الوطني في هذا الإطار المكتب التنفيذي  قصد القيام في أسرع وقت ممكن بمكاتبة  السيد رئيس النيابة العامة والسيد الرئيس المنتدب  لإثارة الانتباه إلى الظاهرة وضرورة العمل على مناقشة كيفية تجاوزها داخل المؤسسات الرسمية .

رابعا : بخصوص مدونة الأخلاقيات القضائية :

ناقش المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب  مسودة المذكرة التي أعدها المكتب التنفيذي اعتماد على الورشات والندوات التي قامت بها بعض المكاتب الجهوية والمكتب التنفيذي، وثمن هذه المذكرة بعد تقديم مجموعة الملاحظات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار قبل توجهها  إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما أوصى المكتب التنفيذي بإطلاق استبيان يهم معرفة أراء القضاة بشأن مدونة الأخلاقيات القضائية قصد الوقوف على تصورات وتطلعات القضاة بشأنها.

وفي الأخير يهيب المجلس الوطني  بالسيدات والسادة القضاة إلى  رفع مستوى التعبئة وتوحيد الصفوف بين مكونات الجسم القضائي كافة  و المساهمة الفعالة في رفع الوعي بتحديات المرحلة التي يمر منها تأسيس السلطة القضائية .

المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

*