إن المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب وهو يعقد دورته العادية يومه السبت 03 دجنبر 2016 بالرباط، لتدارس عدد من النقاط التي تدخل في صميم اختصاصه، ومن منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقه، وفي إطار استمرارية نادي قضاة المغرب في الاضطلاع بأدواره كاملة في الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية و عن الحقوق المشروعة للقضاة، وبعد التعبير عن اعتزازه بالحضور الكثيف وغير المسبوق للأعضاء المجلس الوطني ومناقشاتهم الجادة والمسؤولة حول النقاط المصادق عليها بجدول الأعمال، قرر إصدار البيان التالي:
أولا : بخصوص الجمعيات العامة للمحاكم :
يؤكد نادي قضاة المغرب على أهمية الدور الذي تلعبه الجمعيات العامة كآلية ديمقراطية في توزيع وتصريف الأشغال داخل المحاكم وفق مقاربة تشاركية بالشكل الذي يكفل تحسين وتطوير أداء مرفق العدالة خدمة للوطن و المواطنين، و هو من هذا المنطلق يشدد على ضرورة احترام المسؤولين القضائيين للضوابط المؤطرة لعمل هذه المؤسسة، من خلال إشراك كافة القضاة والأخذ بمقترحاتهم وآرائهم بشأن تدبير الوضع الداخلي للمحاكم عوض الاستئثار بسلطة اتخاذ القرار وإفراغ الجمعيات العامة من محتواها و خرق مقتضيات التنظيم القضائي للمملكة والمرسوم المنظم للجمعيات العامة.
كما ينبه نادي قضاة المغرب إلى خطورة التدخل في توزيع الأشغال داخل الجمعيات العامة للمحاكم من أي جهة كانت سواء من داخل الجسم القضائي أو خارجه، لما يشكله ذلك من مساس خطير باستقلال القضاة.
و بهذا الخصوص يدعو نادي قضاة المغرب كافة القضاة إلى إبلاغ أجهزة النادي بجميع الخروقات التي يتم رصدها بشأن سير أشغال الجمعيات العامة للمحاكم وفق آلية سيعمل المكتب التنفيذي على نشرها في قريب الأيام.
ثانيا: بخصوص بعض المناشير و المراسلات الصادرة عن وزارة العدل و الحريات:
يعتبر نادي قضاة المغرب أن ما تضمنته بعض المراسلات و المناشير الصادرة عن وزارة العدل و الحريات، يشكل مسا باستقلالية القضاة ومحاولة لفرض الامر الواقع في آخر اللحظات وفي غمرة انتظار الجميع لتنصيب مؤسسة المجلس الاعلى للسلطة القضائية التي ينبغي أن تكون لها الكلمة في المناقشة والتقرير بشان العديد من المواضيع المتعلقة بتلك المناشير، سواء تعلق الأمر بالمناشير و الكتب المتعلقة بتحديد آجال افتراضية للبت في القضايا، أو تلك المتعلقة بآلية اتخاذ قرارات الاعتقال من قبل قضاة النيابة العامة أو تلك المتعلقة بالتقييم.
و هو بهذا الصدد يعتبر أن ما جاء في كتاب السيد المفتش العام لوزارة العدل و الحريات تحت عدد 3070/6 بتاريخ 07/11/2016، من ربط لتقييم القضاة بمؤشر قياس نسبة ارتفاع تصفية القضايا، يشكل تدخلا خطيرا في عمل الإدارة القضائية، و توجيها صريحا للمسؤولين القضائيين قصد الضغط على القضاة للبت في القضايا ولو دون احترام للقواعد المسطرية المؤطرة لسير القضايا ومخالفة صريحة لمرسوم 23-12-1975 المتعلق بتنقيط القضاة على علته الذي لم يحدد مثل هذه المعايير التي آتى بها منشور وزارة العدل ضاربا في العمق مبدأ ضرورة معرفة ضوابط التقييم بشكل قبلي حتى يتم العمل وفقها “مبدأ الشرعية “، في الوقت الذي كان من الأولى على وزارة العدل و الحريات البحث عن الحلول القانونية لتجاوز العراقيل التي تطبع سير القضايا خاصة فيما يتعلق بمشكل التبليغ، وظروف الاشتغال المزرية و الخصاص الكبير الذي تعاني منه بعض المحاكم وخاصة على مستوى الاستئناف فضلا عن أن المفتش العام له اختصاصات اخرى ويجب ان يضل بعيدا عن هذه المواضيع.
كما يعتبر نادي قضاة المغرب أن ما تضمنته الدورية المشتركة بين وزارة العدل و الحريات و وزارة الداخلية و وزارة الشؤون الخارجية و التعاون و الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، المؤرخة في 30/08/2016 تحت عدد 352، من توجيه صريح للسادة القضاة باعتماد واقعة الطلاق المنصوص عليها في الأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق دون الحاجة إلى تكليف المغاربة المقيمين بالخارج بتذييلها بالصيغة التنفيذية، يشكل تدخلا خطيرا في استقلال السلطة القضائية، والتي يبقى لها وحدها دون سواها تقييم القيمة القانونية للوثائق المدلى بها أمام المحاكم.
ثالثا: بخصوص حماية استقلال القضاة:
يسجل نادي قضاة المغرب بكل أسف كثرة الحوادث الماسة بهيبة القضاء ووقاره، من خلال قيام عدد من المتدخلين في قطاع العدل – خاصة بعض المنتسبين لهيئات الدفاع – ببعض التصرفات داخل قاعات الجلسات بالشكل الذي يمس بهيبة القضاء ووقاره، هذه التصرفات التي يكون الهدف من ورائها في غالب الأحيان محاولة التأثير في استقلال القضاة عند البت في بعض القضايا، و هو بهذه المناسبة يشدد على ضرورة تحمل بعض المسؤولين القضائيين بجهاز النيابة العامة لمسؤوليتهم في تطبيق القانون عوض اختيار آلية الصمت المبرر للعجز عن اتخاذ القرار ، ويدعو كافة الهيئات الرسمية الممثلة لجميع المتدخلين في قطاع العدالة إلى معالجة المشاكل التي لا ترتبط بمخالفة القانون بطريق الحوار الجاد وضرورة جعل مصلحة المتقاضي فوق كل اعتبار آخر.
رابعا : بخصوص مقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية :
يجدد نادي قضاة المغرب تأكيده من كون المقر المخصص للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لا يليق بالمكانة الدستورية لهذا الجهاز الذي يترأسه جلالة الملك، وهو بهذا الصدد يطالب المصالح المختصة بإعادة النظر في هذا المقر، وتوفير مقر لائق بمكانة السلطة القضائية وفق الكيفية التي أرادها لها الدستور ورسخها جلالة الملك في أكثر من خطاب.
خامسا : بخصوص تصورات نادي قضاة المغرب حول مدونة السلوك القضائي و النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
إيمانا منه بالأهمية البالغة التي تكتسيها مدونة السلوك القضائي و كذا النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المرتقب سنهما، و في إطار مساهمته الفعالة في وضع مقترحات عملية و جادة لتجويد الترسانة القانونية المنظمة لعمل السلطة القضائية، فإنه قد تقرر تكليف لجنة منبثقة عن المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب قصد إعداد أرضية أولية حول مدونة السلوك القضائي و النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في أفق إعداد مذكرة تفصيلة بأهم مقترحات نادي قضاة المغرب بهذا الخصوص سيتم رفعها لللمجلس الأعلى للسلطة القضائية بعد تنصيبه ونشرها للرأي العام .
كما تقرر تكليف لجنة منبثقة عن نفس المجلس قصد إعداد تصورات تهم تحيين الملف المطلبي للجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب .
و في الأخير فإن نادي قضاة المغرب يدعو كافة أعضائه إلى الالتفاف حول إطارهم، والتحلي بالثبات والصمود اللازمين في سبيل الدفاع عن استقلال السلطة القضائية والسير على درب الإصلاح المنشود.
عاش نادي قضاة المغرب
المجلس الوطني