الرباط في: 13-01-2020
رئيس نادي قضاة المغرب
إلى
معالي السيد رئيس الحكومة – المحترم
المرجع: قرار المكتب التنفيذي المنعقد بتاريخ 11-01-2020.
الموضوع: مذكرة ترافعية حول مشروع مرسوم التعويضات المقرر لفائدة بعض القضاة.
ســلام تام بــوجود مـولانــا الإمــــــام
وبعد ؛ فعلاقة بالمرجع والموضوع المشار إليهما أعلاه، يشرفنا معالي السيد رئيس الحكومة المحترم أن نقدم لكم بعض التوضيحات بخصوص مشروع المرسوم رقم 2.20.04 بشأن بعض التعويضات المخولة لفائدة القضاة، المزمع عرضه على المجلس الحكومي ليوم الخميس 16 يناير 2020 من أجل المصادقة عليه، كما يلي:
أولا: فيما يخص منهجية إعداده
- إن “نادي قضاة المغرب”، وباعتباره جمعية مهنية قضائية مؤسسة طبقا للدستور والقانون، لا يسعه، في صدد مناقشة مشروع المرسوم أعلاه، إلا أن يسجل إحجام الحكومة عن اعتماد مبدأ “الديمقراطية التشاركية” في إعداده، وذلك بعدم إشراكه في ذلك، مما أثر سلبا على جودة مضامينه، وعلى عنصر الموضوعية المفترضة في بنوده، خلافا لما يقتضيه منطق الواقع المعاش داخل محاكم المملكة في أحايين كثيرة.
- اعتمد مشروع المرسوم المذكور على تعويضات غير ملائمة، ولا تنسجم وحجم المهام الموكولة للقضاة وجسامتها، ولا حتى مع ما يقتضيه مبدأ استقلالية السلطة القضائية وكرامة أعضائها، خصوصا وأن القضاة لم يترددوا، طيلة العقود الماضية، في تقديم خدمات خارج مهامهم الأصلية دون أي تعويض يذكر.
- كما اعتمد ذات المشروع قاعدة عدم إمكانية الجمع بين التعويض عن مهام الإشراف والتسيير الإداريين، وبين التعويض عن الديمومة والتعويض عن الانتداب، وهو ما يجافي قواعد العدل والإنصاف، طالما أن التعويض عن الإشراف مستقل من حيث طبيعته عن التعويض عن الديمومة وعن الانتداب.
- يقترح “نادي قضاة المغرب” جعل نفاذ المرسوم المزمع إصداره ساريا بأثر رجعي، ليشمل حتى المدة التي تلت دخول القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية حيز التنفيذ، جبرا للضرر المترتب عن التأخير المشار إليه.
ثانيا: فيما يخص مضمون مشروع المرسوم أعلاه
1- يلاحظ “نادي قضاة المغرب”، أن التعويض المخصص لفائدة القضاة عن تنقلهم وإقامتهم، سواء داخل الدائرة القضائية أو خارجها، أو حتى خارج التراب الوطني، غير مرتكز على أساس موضوعي، وذلك وفق التالي:
- أن التعويضات المقترحة لا تستجيب حتى إلى المصاريف المفترض أداؤها من قبل القضاة، بمختلف درجاتهم، في إقامتهم وتنقلهم، خصوصا مع ارتفاع مؤشر الأسعار والمعيشة ؛
- أن تلك التعويضات لا تستجيب لضرورة التعويض عن التنقل حسب المسافة الكيلومترية المحددة، جزافا، في أكثر من 50 كيلومتر، إذ هناك بعض الدوائر الاستئنافية (العيون، الراشيدية .. إلخ) التي تستوجب تنقل القضاة في إطار مهامهم قطع أكثر من 500 كيلومتر ذهابا، ومثلها إيابا.
- أن تلك التعويضات، وباعتبارها مصاريف مهنية، لا يجب تمييز قيمتها بحسب الدرجة، إلا إذا كان هذا التمييز إيجابيا لفائدة القضاة الأقل درجة، إذ لا يعقل أن يكون التعويض المخصص لقضاة الدرجة الاستثنائية أكثر من تعويض قضاة الدرجات الدنيا: الثالثة، والثانية، والأولى، مما يتعين معه، موضوعيا، أن تكون قيمة هذا التعويض متساوية بين كل القضاة بمختلف درجاتهم.
2- يلاحظ أن التعويض المخصص لفائدة القضاة عن الديمومة، والمحدد في مبلغ 400 درهم، هو الآخر غير مرتكز على أساس من الواقع المعاش، وذلك وفق التالي:
- أن التعويض المقترح يفتقر إلى الحدود الدنيا من الموضوعية والمعقولية، ذلك أن التعويض عن العمل أثناء الديمومة، وعلى غرار بعض القطاعات، لا يمكنه أن يقل، كحد أدنى، عن نسبة 150% من أجرة اليوم الواحد في الحالات العادية، أو بزيادة ضعفها.
- أن مفهوم الديمومة المعتمد في مشروع المرسوم، والذي حددها فقط في: أيام العطل الأسبوعية، والأعياد الدينية والوطنية، يعتبر مجحفا، وذلك لإقصائه الكثير من الحالات العملية الشائعة، خصوصا تلك التي يستمر فيها عمل بعض الهيآت القضائية خارج ساعات العمل الإداري، وتمتد جلساتها إلى صبيحة اليوم الموالي، أو تلك التي يعمل فيها قضاة التحقيق وقضاة النيابة العامة المداومين طيلة أيام الأسبوع بعد الوقت الإداري في المساء وأثناء الليل.
- أن تحديد سقف الاستفادة من التعويض عن الديمومة في مدة أقصاها ستة أيام، يعتبر، هو الآخر، مجحفا وغير منطقي، ذلك أن هناك من قضاة التحقيق والنيابة العامة في الكثير من المحاكم، من يقومون بضمان سير المرفق القضائي طيلة الشهر، أو لأسبوعين داخل الشهر الواحد كحد أدنى، ليلا ونهارا.
3- يلاحظ أن التعويض المخصص لفائدة بعض القضاة عن الإشراف والتسيير الإداريين، غير مرتكز على أساس من الواقع والعدل والإنصاف، وذلك وفق التالي:
- أن مفهوم الإشراف والتسيير الإداريين المعتمد من قبل واضع المشروع، يعد مجحفا لفئات هامة من القضاة الذين يقومون بأعباء إدارية إضافية عن عملهم القضائي، وذلك من قبيل رؤساء مراكز القضاة المقيمين، الذين يشرفون، من حيث الواقع، على محاكم صغيرة، وكذا رؤساء الأقسام: الجنحية، والمدنية، والقسمين التجارين والإداريين المزمع إحداثهما في ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي.
- أن التعويض (1.500 درهم) المخصص للنواب الأولين للرؤساء الأولين بمحاكم الاستئناف، وللنواب الأولين للوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف، يعد مجحفا بالنظر إلى المهام الإدارية التي يقومون بها فعليا نيابة عن رؤسائهم، وطيلة أيام الأسبوع.
- أن التعويض (1.000 درهم) المخصص للنواب الأولين لرؤساء المحاكم الابتدائية، وللنواب الأولين لوكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، يعد مجحفا بالنظر إلى المهام الإدارية التي يقومون بها فعليا نيابة عن رؤسائهم، وطيلة أيام الأسبوع.
- أن التمييز بين التعويض (2.500 درهم) الممنوح لرؤساء: أقسام الأسرة، وجرائم الأموال، وقضاء القرب، وكذا للنواب المكلفين بتسيير النيابة العامة في هذه الأقسام، وبين التعويض المخصص للنواب الأولين المذكورين في البندين الآنفين، يعتبر غير منطقي وغير واقعي، خصوصا إذا ما علمنا درجة العبء الذي يتحمله هؤلاء الأخيرين، والمنضاف إلى عملهم القضائي الأصلي.
وفي انتظار تفاعلكم الكريم الذي نرجو أن يكون إيجابيا، تفضلوا السيد رئيس الحكومة بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.
والسلام
الكاتب العام
بتفويض من السيد رئيس “نادي قضاة المغرب”
الرباط في: 13-01-2020