بـــــلاغ المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب

عقد المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، يومه السبت 14 دجنبر2019، دورته العادية الثالثة من ولايته الحالية بمدينة القنيطرة، تحت شعار: “جميعا من أجل حماية فعالة تكرس حقوق القضاة وواجباتهم”، وذلك للتحسيس بخطورة استهداف السلطة القضائية عبر الإشاعات والوشايات المجهولة المصدر، وكذا لتدارس مجموعة من القضايا التي تدخل في صلب اهتماماته، خصوصا ما تعلق منها بمواكبته للمستجدات التي يعرفها المشهد القضائي المغربي ببلادنا.

وبعد عرض نقاط جدول الأعمال والمصادقة عليها، ثم التداول بشأنها وفق آليات التسيير الديمقراطي المعتمدة في تسيير الجمعية، تقرر إعلان ما يلي:

أولا: فيما يخص الإشاعات والوشايات المجهولة المصدر التي تستهدف أعضاء السلطة القضائية.

إن المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب”، ليؤكد، في هذا الصدد، وبعد تضامنه المطلق مع كاتبه العام وكل القضاة ضحايا الوشايات المجهولة، أن مقاربته لهذا الموضوع، تنطلق من ضرورة الإسهام في نشر ثقافة احترام عمل السلطة القضائية وعدم التأثير على القضاة بمناسبة ممارستهم لمهامهم القضائية، ضمانا لاستقلاليتهم المقررة لفائدة الوطن والمواطن، وفق ما نص عليه الدستور والقانون، مسجلا ما يلي:

1- تذكيره أن القانون الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما تم إقراره من قبل المحكمة الدستورية، قد فتح باب التظلم والتشكي من الأعمال القضائية وفق مسطرة واضحة ومضبوطة، واشترط لقبولها أن يتقدم المشتكي أو المتظلم بشكايته أو تظلمه شخصيا أو بواسطة نائبه.

وعليه، فإن “نادي قضاة المغرب”، إذ يذكر بهذا المقتضى القانوني، فهو يسجل، وبقلق شديد، أن الخروج عن هذه المسطرة باستهداف القضاة عن طريق الافتراء والتشهير والمساس بذممهم وسمعتهم وسمعة أسرهم، كما هو الحال في واقعة المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، ما هو إلا ضرب من ضروب محاولات الضغط والتأثير عليهم للوصول إلى أهداف غير مشروعة ؛ مما يقتضي ضرورة فتح تحقيق دقيق من قبل الجهات المختصة، وترتيب الآثار القانونية عليها باعتبارها أفعالا جرمية تخضع للقانون الجنائي، ثم التواصل مع الرأي العام بخصوصها، حتى تقدم الجهات المذكورة المثال والقدوة في الشفافية والنزاهة بخصوص تدبير هذه القضايا التي تسيء إلى المؤسسات والأشخاص.

2- دعوته كافة القاضيات والقضاة إلى التمسك بحقهم في ممارسة الإجراءات المتطلبة قانونا عند تعرضهم لأي حالة من حالات التأثير المذكورة آنفا، خصوصا تلك المسطرة المقررة في الفصل 109 من الدستور، والمادتين 104 و105 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمُكرسة لحماية استقلالية القضاة في حال تعرضها لأي تهديد.

3- دعوته، أيضا، المؤسسات القضائية، وكل الفاعلين المتدخلين في منظومة العدالة، إلى تبني مقاربات مندمجة للتحسيس بخطورة هذه الظاهرة. كما يدعو مختلف المنابر الإعلامية ومؤسساتها التمثيلية، إلى فتح نقاش توعوي حول الموضوع لارتباطه بالعدالة التي تهم المجتمع المغربي بكل مكونات، أفرادا وجماعات.

ثانيا: فيما يخص مواكبة عمل المؤسسات القضائية

أ‌- بالنسبة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

إن المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب، وبعد مناقشته المستفيضة لأشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي همت دورتي يناير وشتنبر من سنة 2019، واستحضارا منه لبعض الإكراهات التي تَعتَوِر عمل هذا الأخير ؛ خصوصا من زاوية افتقاره لمقر يليق به كمؤسسة دستورية، وكذا ارتباط بعض أشغاله بإصدار جملة من التشريعات العادية أو التنظيمية التي لم تر النور إلى الآن دون أي مبرر ؛ ارتأى تسجيل طائفة من الملاحظات ذات الطابع العام، والتي فوض أمر تفصيلها إلى المكتب التنفيذي داخل اللجنة المختلطة المكونة من النادي والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهي كالتالي:

1- تثمينه “نادي قضاة المغرب” تفاعل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع ملاحظاته السابقة، خصوصا تلك المتعلقة بتفعيل النصوص القانونية الناظمة لنشر أشغاله، مع دعوته لتطوير عملية النشر لتشمل القواعد العامة المؤسِّسة للمقررات التأديبية الصادرة عنه، حتى تتسنى دراستها ومناقشتها من الناحيتين العلمية والمهنية، ويكون المخاطبين بها على بينة من المبادئ المكرسة في ضوئها باعتبارها سوابق تأديبية وجبت الإحاطة بها لتقويم السلوك القضائي، استلهاما لعدة تجارب قضائية مقارنة متطورة.

2- تلقيه، بارتياح شديد، أخذ ملاحظاته التي تقدم بها أثناء الاجتماعين اللذين تم عقدهما معه من قبل اللجنة المنبثقة من المجلس الأعلى للسلطة القضائية بعين الاعتبار، والمتعلقة بتدبير الوضعية الفردية للقضاة، وإحداث بعض التغييرات على مستوى مهام المسؤولية القضائية، وذلك من خلال إقرار مبدأ التداول على تلك المهام في بعض المحاكم، وتعيين طاقات قضائية شابة مشهود لها بالنزاهة والكفاءة فيها، وإن همت في أغلبها دوائر صغيرة، إلا أن ذلك، ومن وجهة نظر النادي، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح الكفيل بالتفاعل الإيجابي مع الخطب الملكية السامية، ولا سيما خطاب 20 غشت لسنة 2009، والذي أوصى المجلس الأعلى للقضاء حينها بعقد دورة خاصة لتعيين المسؤولين القضائيين القادرين على تنزيل فكرة الإصلاح، ثم خطاب عيد العرش المجيد لهذه السنة (2019)، الذي أوصى بالانفتاح على الشباب والمرأة عند التعيين في المسؤوليات الإدارية للدولة.

3- دعوته في هذا الصدد، وبخصوص التعيين بمهام المسؤولية القضائية، إلى التقيد بالمقتضيات القانونية التي تؤطر ذلك في القانونين التنظيمين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، خصوصا مسطرة التباري، مع العمل على تطوير وتجويد الأداء بخصوصها، استجابة للرغبة الملكية السامية في تعيين مسؤولين قضائيين من ذوي الكفاءة والاستقلالية والنزاهة والتواصل الحسن، مع ضرورة سن أنظمة للتحفيز المادي والمعنوي في مجال الإدارة القضائية على غرار بعض الإدارات الأخرى.

4- دعوته، أيضا، مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى مزيد من الانفتاح على الجمعيات المهنية للقضاة من خلال تطوير الأداء التشاركي معها، سواء على مستوى حضور أنشطته، أو في القضايا التي تهم اختصاصه غير المشمولة بالسرية. مع مناداته، مجددا، إلى إعادة النقاش مع ذات المؤسسة حول مدونة الأخلاقيات والسلوك القضائي التي لم تر النور إلى الآن بالرغم من أهميتها، حيث تهم كل قضاة المملكة وتمثيلياتهم بالدرجة الأولى.

وفي هذا الإطار، يطالب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن تكون بعض القضايا التي تهم الحق في التعبير وممارسة العمل الجمعوي للقضاة محل نقاش وتدارس علمي، وليس موضوع مساطر تأديبيه قد تقضي على ممارستهما بالمرة، مع ما قد ينطوي عليه ذلك من آثار على مستوى تكوين شخصية القاضي، ومدى مواكبته واستيعابه لخطط الإصلاح المعتمدة.

5- ملاحظته بخصوص تدبير الوضعية الفردية للقضاة ما يلي:

– اللجوء الكثير في دورة يناير 2019 إلى مفهوم الظروف الاجتماعية دون تحديدها، وذلك فيما يخص انتقالات القضاة، مما تستعصي معه عملية الملاحظة وربطها بالمعايير المحددة في النصوص القانونية والنظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

– تم نقل بعض القضاة إلى محاكم أخرى- حالات محدودة- بدون طلب، ودون معرفة السبب الكامن وراء ذلك.

– تم تعيين بعض الملحقين القضائيين بمدينة مطلوبة في حركة الانتقالات العادية، مع أن القاضي المعين جاء ترتيبه متأخرا.

– أما فيما يخص قضايا التأديب، وبعد تسجيل ملاحظة إيجابية متمثلة في التعامل الجديد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمنبني على محاولة طبع نظام التأديب بالطابع التأطيري بدلا عن الطابع الزجري، وذلك من خلال حفظ بعض الملفات (كما أفاد بذلك المعنيون بها) التي تهم الخطأ المهني، سواء بسبب عدم لحوق أي ضرر بالمتقاضين، أو بسبب انتفاء سوء نية القاضي، أو بسبب كونه حديث عهد بالقضاء ؛ فإنه، وفي بعض الحالات، ومن خلال الوقائع التي تم الاطلاع عليها، فقد لوحظ عدم تناسب العقوبة المقررة مع الأفعال المسببة لها، مع عدم تفعيل مبدأ التدرج في اتخاذ تلك العقوبة، علما أنه، وإلى حدود الآن، لم يصدر القانون المؤطر لعملية التفتيش القضائي، مما يجعل عمليات التفتيش المنجزة في ظل هذا الوضع محل نظر من حيث مدى مطابقتها لمبدأ الشرعية الإجرائية، وهو ما سبق تسجيله في مناسبات سابقة، وسيتم التفصيل فيه لاحقا.

– تم تعيين وإلحاق بعض القضاة بجملة من المؤسسات الوطنية، وذلك بطريقة أثارت عدة ملاحظات من قبل مجموعة من القضاة، وهي ما سيتم بسطها بشكل مباشر أمام أنظار اللجنة المنبثقة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية في أول لقاء بها، توخيا للنجاعة المنشودة من جهة، وضمانا لحسن استمرار عمل المحاكم من جهة أخرى، مع إيمانه التام بحق القضاة في تطوير تجربتهم وصقلها من خلال العمل بتلك المؤسسات.

ب‌- بالنسبة لمؤسسة رئاسة النيابة العامة

إن المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب”، وبعد مناقشته لبعض جوانب عمل رئاسة النيابة، باعتبارها مؤسسة قضائية ضامنة لحقوق وحريات المواطنين، فإنه يسجل ما يلي:

1- تثمينه للدينامية الإيجابية التي تشهدها هذه المؤسسة على المستوى الإداري، وذلك من خلال أنشطتها التحسيسية والتوعوية المنتظمة، وكذا حضورها الإعلامي والتواصلي، فضلا عن دعمها لأنشطة الجمعيات المهنية، ومواكبتها لقضاة النيابة العامة من خلال الدلائل والمنشورات الموجهة لعملهم داخل المحاكم.

2- تسجيله، وبعد مدارسته لمنشور السيد رئيس النيابة العامة عدد 50، المؤرخ في 21-12-2019، والمتعلق بتنظيم تغيب قضاة النيابة العامة عن عملهم ومشاركتهم في مهام رسمية، أن هذا الأخير لم يتطرق إلى التعويض عن أيام الديمومة بأيام العمل، وفق ما كان معمولا به في دورية سابقة للسيد وزير العدل.

3- كما يسجل، أيضا، أن موضوع تغيب قضاة النيابة العامة، شأنهم في ذلك شأن قضاة الأحكام، هو من مشتملات وضعية القيام بالمهام المنصوص عليها في المواد 58 وما يليها من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وتدبير هذه الوضعية موكول حصرا إلى الجهات المنصوص عليها في المادة 61 من نفس القانون، وليس منها رئاسة النيابة العامة التي يبقى اختصاصها محصورا في الإشراف على قضاة النيابة العامة ومراقبتهم في ممارسة صلاحياتهم المتعلقة بممارسة الدعوى العمومية في إطار احترام مضامين السياسة الجنائية طبقا للتشريعات الجاري بها العمل، تطبيقا للمادة 2 من قانون نقل اختصاصات السلطة الحكومة المكلفة بالعدل إلى رئاسة النيابة العامة.

4- تعبيره عن أمله في تكريس ممارسة جميع القضاة – سواء قضاة الحكم أو قضاة النيابة العامة – لحقهم في التعبير من خلال دعم مشاركتهم في الندوات والورشات التكوينية دون تقييده بأي إذن كيف ما كان نوعه، طالما أن ذلك لم يؤثر سلبا على ممارستهم لمهامهم الأصلية وسير المرفق العام، مع التعاطي بنوع من المرونة في منح الإذن بالتغيب عن العمل لذات الغاية – لاسيما بالنسبة للعاملين بالنيابة العامة -، بالنظر إلى ما تُسهم فيه المشاركة في تلك الأنشطة من تكوين لشخصية القاضي وتواصله مع محيطه العام.

ج- بالنسبة لعمل المحاكم

قرر المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب”، بخصوص تقييم عمل الجمعيات العامة لدى محاكم المملكة برسم سنة 2019، تفويض أمر ذلك إلى المكتب التنفيذي بعد انتهاء شهر دجنبر الجاري، وتوصله بالتقارير المتعلقة بهذه الجمعيات العامة من طرف مكاتبه الجهوية.

ثالثا: بخصوص التعاطي مع الملف المطلبي

إن المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب”، وبعدما أحيط علما من طرف المكتب التنفيذي بالخطوات التي تم القيام بها منذ اللقاء العام للقضاة بالمعهد العالي للقضاء بتاريخ 29-06-2019، والذي كان قد خُصص للمطالبة بالتحصين الاقتصادي والاجتماعي لاستقلالية السلطة القضائية، وكذا الظروف التي تحكمت في تقدير المكتب التنفيذي للأمور حينها، ولا سيما ما تعلق منها بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة، وما طرأ عليها من تغيير على مستوى حقيبة وزارة العدل. واستحضارا منه لحسن النوايا المتبادلة بين المكتب التنفيذي والسيد وزير العدل أثناء لقائهما الأول، فإن المجلس الوطني للنادي ارتأى تسجيل ما يلي:

1- دعمه توجه المكتب التنفيذي بحكم الظروف المشار إليها آنفا، مع توصيته له ببذل المزيد من الجهد في التفاوض مع الوزارة المعنية لتحقيق مطالب القضاة داخل آجال معقول، سيما وأن العديد من تلك المطالب مرتبطة بحق منصوص عليه قانونا، من قبيل مراسيم إقرار التعويضات الممنوحة للقضاة بمناسبة قيامهم بأعباء إضافية على عملهم الأصلي، كـــ: الديمومة، والانتداب، ومهام المسؤولية القضائية، التي تأخرت أكثر من ثلاث سنوات من دخول القوانين التي تحيل عليها حيز التنفيذ.

2- تجديده لمطلبه الرامي إلى شمول المراسيم المذكورة كل أنواع المسؤولية القضائية بشكل موضوعي، ومنها، كذلك، مسؤولية رؤساء المراكز وأقسام قضاء الأسرة، ورؤساء الغرف في كل المحاكم، وليس محكمة النقض وحدها، فضلا عن باقي مطالبه الأخرى المبسوطة في الوثيقة المعتمدة في اللقاء العام أعلاه، والموقعة من طرف حوالي 1.000 قاض وقاضية، والتي سلمت نسخة منها إلى وزارة العدل.

3- مطالبته، في هذا الخصوص، بإقرار تعويضات شاملة وعادلة تراعي المجهود المبذول، وتضحيات القضاة في سبيل الحفاظ على مصلحة المرفق العام، مع ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية مع الجمعيات المهنية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بخصوص إعداد المراسيم أعلاه.

4- توصيته للمكتب التنفيذي بضرورة البدء في تنفيذ الأشكال التعبيرية المعبر عنها من طرف القضاة، يوم 29-06-2019، كلما تبين أن طريق الحوار أضحى غير مجد.

رابعا: فيما يتعلق بموقف النادي من القوانين التي تهم العدالة

قرر المجلس الوطني لــ “نادي قضاة المغرب”، تشكيل لجنة من أعضائه لإعداد ورقة وعرضها لاحقا على أنظاره قصد مناقشتها والتصويت عليها.

وفي الختام، يحيي “نادي قضاة المغرب”، عاليا، السيدات والسادة القضاة بمناسبة قرب انتهاء السنة القضائية على المجهودات المضاعفة التي تبدل لتصريف العدالة، بالرغم من قلة الموارد البشرية واللوجيستيكية. ويهيب بهم، بهذه المناسبة، إلى رفع مستوى التعبئة، وتوحيد الصفوف بين مكونات الجسم القضائي كافة، والمساهمة الفعالة في رفع الوعي بتحديات المرحلة التي تمر منها السلطة القضائية.

ــــــــــــــــــ

المجلس الوطني لـ “نادي قضاة المغرب”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

*